بعد
رواج الفكر التكفيري بين شرائح من المجتمع الاردني، وبعد عمليات القتل والهجمات الارهابية
التي كانت تقف وراءها جماعات تكفيرية في الاردن، شهد هذا البلد حملات للتحذير من الفكر
التكفيري وخطره على امن واستقرار الاردن، ومن بين هذه الحملات، "الحملة الوطنية
من أجل حقوق الطلبة" المعروفة باسم "ذبحتونا"، التي تترصد كل الاصدارات
التي تصدرها جهات سلفية تروج للفكر التكفيري في الاردن من أجل انقاذ التلاميذ والطلبة
من الوقوع فريسة هذا الفكر الظلامي.
قبل
أيام اصدرت حملة "ذبحتونا" بياناً اشارت فيه الى ملزمة "دوسيه"
تتحدث عن طريقة ظلامية في تدريس الطلاب في الصف الخامس الابتدائي (لعمر 10 سنوات) تكفّر
الفيلسوف ابن سينا وفقاً لنهجي ابن تيمية والغزالي، وطالبت الحملة كلا من وزير التربية
ومدير هيئة الإعلام، بسحب الملزمة التي تنشر مثل هذه الافكار التكفيرية بين طلبة الصف
الخامس الابتدائي.
وفي
التفاصيل، أشارت "ذبحتونا" إلى وجود الملزمة الخاصة باللغة العربية لطلبة
الصف الخامس تحمل اسم الوسيط، وتباع في المكتبات والأسواق، حيث يجيب "المعلم"
معدّ هذه الملزمة على سؤال ورد في درس ابن سينا في مادة اللغة العربية للصف الخامس
بالتالي:
السؤال:
ما رأيك بابن سينا؟
الجواب
النموذجي الذي وضعه "المعلم”: على الرغم من مكانته العلمية، إلا أنه رجل ملحد
فلسفي قرمطي يسب الصحابة، وقد حكم بكفره شيخ الإسلام ابن تيمية والغزالي والفارابي.
واعربت
الحملة عن استيائها من تكفير فيلسوف كبير بحجم ابن سينا، لمجرد أن "المعلم” سمع
أحدهم في درس ديني أو على شاشة فضائية مشبوهة يتهمه بالكفر، وحملت "ذبحتونا” وزارة
التربية مسؤولية ما يحدث، خاصة وأنها أوقفت توزيع الإجابات النموذجية على المعلمين،
منذ أكثر من عامين، ما فتح المجال لكل شخص كي ينشر أفكاره وسمومه لأطفالنا دون رقيب
ولا حسيب.
حسنا
فعلت حملة "ذبحتونا” ، عندما اخذت تترصد المناهج التربوية للاطفال في مرحلة الابتدائية،
فهذه المرحلة هي اخطر مرحلة يمر فيها الانسان، ففي هذه المرحلة يكون الانسان عبارة
عن ارض خصبة لتلقي الافكار دون ان تكون له القدرة على تحليلها او معرفة الغث من السمين
منها.
على
كل الخيرين في الاردن وكل المخلصين لهذا البلد ان يشدوا على ايدي القائمين على هذه
الحملة، فهي تعمل على انقاذ اطفال الاردن من الوقوع في فخ الفكر الظلامي، وانقاذ الاطفال
يعني انقاذ الاردن من الوقوع في هوة الفتن والفوضى والخراب والدمار.
من
الممكن ان لا ياخذ البعض ما جاء في تلك الملزمة بشكل جدي، بل قد يضحك على المعلم لجهله،
فمن المعروف ان الفارابي مات قبل ان يولد ابن سينا بست سنوات، فكيف يمكن ان يكفره
!! ، كما ان ابن تيمية، يعتبر منظر التكفير والفكر الظلامي، ولم يسلم من تكفيره بين
علماء الامة الا من كان يفكر مثله، وهو ملهم مؤسس الوهابية محمد بن عبدالوهاب، اما
الغزالي، فقصته مع العقل والعقلاء والحكمة والفلاسفة، معروفة للجميع ولسنا بحاجة للاطناب
فيها، لذلك لا اهمية، عند هذا البعض لماء جاء على لسان ذلك المعلم الجاهل، لسخف ما
ذهب اليه، الا ان ما يحدث في الاردن بين وقت واخر يسترعي من الجميع اخذ هذه القضايا
على محمل الجد قبل فوات الاوان.
من
الواضح ان هناك جهات تحاول ان تكفر الجميع وان تزيل اي قدسية عن النبي الاكرم (صلى
الله عليه وآله) تحت ذريعة التوحيد”الخالص”، بينا هي تسعى الى جعل الامة بلا تاريخ
ولا هوية، فمن الصعب السكوت على ضلال هذه الجهات، التي ترصد كل شاردة وواردة حتى لو
كانت اكاذيب، في تاريخ الاسلام، فتبني عليها وتصدر الفتاوى بالجملة، بينما نراها تسكت
عن مشايخها الذين مازالوا يرفضون قبول حقيقة ان الارض تدور!!.
ان
الجرائم الارهابية التي تقع في الاردن بين وقت وآخر، وتنذر بتأزيم الاوضاع في هذا البل
، مصدرها اصحاب الفكر التكفيري (السلفية الجهادية)، فقاتل المفكر الاردني ناهض حتّر
كان يعمل اماما في مسجد في وزارة الأوقاف، ومنفذو الهجوم في الكرك نهاية العام الماضي
وراح ضحيته عشرة قتلى بينهم 7 رجال أمن وسائحة كندية بالإضافة إلى إصابة 34 آخرين،
كانوا من السلفيين الجاهديين الذين بايعوا "داعش”، وهؤلاء قبل ان يصبحوا قتلة،
كانوا اطفالا ابرياء، مسخت الوهابية عقولهم، فقتلوا ابناء وطنهم، بعد ان كفروهم.
المصدر: شفقنا