قال استاذ مادة الفلسفة رضا داوري اردكاني امام "ملتقى ابن سينا والفلاسفة المسلمين" ان قضيتي "الوجود" و "الماهية" لم تكونا مطروحتين في الفلسفة اليونانية قبل الفارابي وابن سينا. وقد طور ابن سينا والفارابي الفلسفة من خلال طرح هاتين القضيتين وارسيا الفلسفة الاسلامية.
وعقد ملتقى ابن سينا والفلاسفة المسلمين لمدة يومين، والقى فيه
عدد من اساتذة الفلسفة كلمات، بمن فيهم رضا داوري اردكاني واية الله حسن مصطفوي وكريم
مجتهدي. كما القى اية الله محمد خامنئي رئيس مؤسسة صدرا للحكمة الاسلامية كلمة في حفل
الافتتاح.
واعتبر داوري اردكاني في كلمته بعنوان "مكانة ودور ابن
سينا في الفكر العقلي" ان ابن سينا، كان معلما ومفخرة ومظهر حقبة تاريخية وقال
انه قدم الفارابي في كتاب له على انه مؤسس الفلسفة الاسلامية. وربما لم يوافق البعض
على هذا الرأي ويرون بان مكانة ملاصدرا وابن سينا ارفع من الفارابي، لكني اؤكد بان
الفارابي مقدم على ابن سينا من حيث الفلسفة ويحظى باحترامه. ان ابن سينا، بسط الكثير
من الموضوعات التي طرحها الفارابي.
واضاف ان قضيتي "الوجود" و "الماهية" لم
تطرحا قبل الفارابي وابن سينا، ودخلت الى الفلسفة بواسطتهما. واكد ان طرح هاتين القضيتين،
اضفى منحى خاصا وجديدا على الفلسفة وطورها.
وقال هذا الاستاذ في مادة الفلسفة ان موضوعي "الوجود والماهية"
لم يكتسيا اهمية في اليونان مشيرا الى ان هذين الموضوعين يحظيان باهمية اساسية بالنسبة
للفلسفة الاسلامية. انهما ليسا ذوقا او وجهة نظر وحتى مسألة، بل مبادئ بنيت على اساسها
الفلسفة الاسلامية.
وقال في الختام ان كيفية وصول هذين الموضوعين الى اصالة الوجود
لدى ملاصدرا تتمثل في بسط الفلسفة الاسلامية التي يجب ان تدرس من قبل فلاسفتنا.
والقى اية الله مصطفوي استاذ الفلسفة بجامعة الامام الصادق
(ع) مداخلة في الملتقى. فتطرق الى صحة تعبير "الفلسفة الاسلامية" وقال ان
البعض يرى ان هذا التعبير غير صحيح ويجب الاكتفاء فقط بتعبير "الفلاسفة الاسلاميون".
واضاف ان الفلسفة الاسلامية تعني انها برمجت على اساس الهدف
الاسلامي. وهدف الاسلام هو هداية الناس نحو التوحيد المطلق. ويلفت الاسلام اهتمام الناس
الى العالم الاخر لكي لا يركزوا جل اهتماماتهم على هذه الدنيا. ان الفلاسفة الذين نشأوا
وترعرعوا في مهد الاسلام، يثبتون وجود الله الواحد الاحد الذي لا يقبل اي تعددية وتجزئة.
ان اله الفلاسفة المسلمين عالم بكل شئ، في حين ان اله ارسطو ليس كذلك. وبما ان هناك
اشتراك في الهدف بين الاسلام والفلسفة الاسلامية، وان تعبير "الفلسفة الاسلامية
لا اشكال فيه".
واشار اية الله مصطفوي الى موضوع اخر في الفلسفة الاسلامية وقال
ان البعض يعتبر الفلاسفة المسلمين بانهم متكلمون بسبب خوضهم في المسائل العقائدية.
وهذه تهمة تطرح من جانب بعض المعاصرين. ويبدو ان هؤلاء لم ينتبهوا الى اتجاه وعنوان
موضوع الفلاسفة والمتكلمين والفارق بينهما.
واضاف ان المتكلمين يناقشون القضايا العقائدية في اطار الدين،
لكن اتجاه نقاش الفلاسفة يقع في اطار العقلانية. ان الفلاسفة الاسلاميين يطرحون بحثا
عقلانيا حول مسألة حقيقية عندما يناقشون العقائد الاسلامية. ان الاله الذي يثبته الفلاسفة
من خلال العقل يختلف عن اله المتكلم. ان اله الفيلسوف يعيش كل حياة الفيلسوف ولا يحظى
بجانب تعبدي.
واعتبر ان العقل هو لغة الحوار وقال ان ابن سينا هو الفيلسوف
الوحيد ذو التوجه العقلاني، ويتحدث ابن سينا عن العرفان من الناحية العقلية ويقول بان
العقل، يتحول الى الحدس القدسي عندما يصبح لطيفا للغاية. ان التوجه العقلي لابن سينا
لم يقتبس من اليونانيين وحدهم بل ان الايرانيين ما قبل الاسلام تركوا تراثا عقليا كبيرا.
ورافق افلاطون، الاسكندر في هجومه على ايران، وتعرف بذلك على جزء من هذا التراث.
واعتبر اية الله مصطفوي العرفان بانه خيالي وشدد على اهمية العقل
وقال ان الاسلام يعتمد العقل وحده وهذا الشئ واضح من مفردات مثل "يتفكرون"
و "يعقلون". ان شيخ الرئيس ابن سينا هو فيلسوف عقلاني بحت وهذا الشئ واضح
ايضا حتى في كتابي "اسرار الايات" و "نمط العارفين". وانه في
"الاشارات" لم يحد لحظة عن العقل.
ثم تحدث كريم مجتهدي استاذ الفلسفة بجامعة طهران حول "ابن
سينا والتطورات الفكرية في العالم الغربي" واشار الى ان المتخصصين الغربيين في
شؤون الكتاب احصوا نحو 120 نسخة من كتب ابن سينا في المكتبات الغربية واضاف ان عدد
هذه الكتب في المكتبات الغربية اكثر من ذلك، لان هناك اقوالا كثيرة عنه في كتب الفلاسفة
الاخرين.
وقال ان تراثا فكريا لابن سينا استحدث في الغرب لم يتوقف في
القرن الثاني عشر واستمر بعد ذلك. وفي القرن الثالث عشر حيث نشأت الجامعات في اوروبا،
طرح ابن سينا مجددا في الغرب. ويعتبر توماس اكويني احد المتأثرين بابن سينا، لكن هذا
التأثر مشهود في الفلاسفة الذين جاؤوا بعده. ويؤكد البرت الكبير استاذ اكويني وهو متحدر
من اصل الماني، يؤكد في كتاباته بصراحة "اذهبوا واقرأوا لابن سينا".
واضاف مجتهدي ان اثر ابن اسينا في الجامعات الغربية اشتد مرة
اخرى في القرن الخامس عشر. ونرى في ايطاليا تلك الفترة وفي جامعتي "فلورانس"
و "بادو" تقابل فيلسوفين مسلمين هما ابن الرشد وابن سينا. وكانت جامعة فلورانس
تقدم نفسها على انها من انصار توجهات ابن سينا.
المصدر: ايبنا