قال الناقد "سيد محمود سجادي": إنه للأسف الشديد ينسب بعض المؤرخون في الدول الشرقية والغربية خاصة العربية العلماء الإيرانين إلي العرب، معتبرين إياهم ضمن الحضارة العربية أو الثقافة والعلم العربيين، ثم يسمّون العلماء"زكرياي رازي"، و"ابوريحان بيروني"، و"ابن سينا"، و"خوارزمي"، و"فارابي" علي أنهم علماء عرب، وهذا اجحاف بالغ ونكران للجميل.
أن ندوة قسم التاريخ بدار أهل القلم التابعة لمؤسسة خانه كتاب
نقدت مساء الأحد الماضي كتاب "خدمات إيران الحضارية والثقافية للإسلام" بحضور
الناقد والباحث التاريخي "أميد عطايي"، والباحث "سيد محمود سجادي"،
ومؤلف الكتاب "فاروق صفي زاده"، وأمينة سر الندوة "خديجة معصومي".
وفي مستهل الندوة، قامت أمينة سرها "خديجة معصومي"
بشرح مفصل لكافة أقسام الكتاب، ثم قال الباحث والناقد "سيد محمود سجادي"
حول كتاب "خدمات إيران الحضارية والثقافية للإسلام" للكاتب فاروق صفي زاده:
إن هذا الكتاب يتناول قضايا تفصيلية ومستندة تبرز حضور الإيرانيين القوي في ساحات العلم
والفكر الإسلامي، وقام المؤلف في كتابه هذا المكون من 290 صفحة بنقل آراء الباحثين
الشرقيين والغربيين حول إيران وخدماتها العلمية والثقافية للعالم خاصة العالم الإسلامي،
وهذا بحد ذاته عمل يسرّنا ويُشكر عليه.
وأضاف: أن العديد من المستشرقين والعلماء المنصفين من دول أخري
يعترفون بهذا الدور الكبير والريادي لعلماء إيران، منهم: "ف.روزنتال" في
كتابه التاريخي، و"ليفي" في كتاب "تراث إيران"، و"بارتولد"
في كتاب "ثقافة المسلمين"، و"غابي" في كتاب "دراسات حول الحضارة
الإسلامية"، و"أحد أمين" في كتاب "فجر الإسلام".
ويشير مستشرقون وباحثو القضايا الإسلامية الأجانب إلي النشاطات
والأعمال الخالدة والقيمة للعلماء الإيرانيين في ساحات الثقافة والعلم والأدب الإسلامي،
وهذا ما يتناوله المؤلف بالتفصيل والتدقيق الوافيين.
وأضاف هذا الناقد: أن هذا الكتاب يتناول العلاقات الإيرانية
العربية منذ العهد الإخميني، وبعد الإسلام كان للإيرانيين دور محوري في نشر القرآن
والحديث وكان أفضل المفسرين منهم، وهذا يبرز لنا ملامح العلاقات بين الطرفين، ثم يتحدث
المؤلف عن إبداع التاريخ الهجري القمري من قبل الإيرانيين، ثم يتطرق إلي علاقة الإيرانيين
بأهل بيت رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، وتوطيد هذه العلاقة بزواج الإمام الحسين
عليه السلام من بنت يزدجرد الثالث، وهذا بحد ذاته قضية رائعة في العلاقات بين الطرفين.
وأضاف: أن المؤلف يشير في كتابه إلي انتقال تجربة الدواوين الإيرانية
ومناهجها إلي العالم الإسلامي ومحاكاة مناهج الحكم المعمولة بها في بلاط الساسانيين
من قبل العرب، وإنشاء منصب الأمانة ووزارة للإيرانيين في العهد الأموي، أيضاً يحاول
الكاتب إبراز أن معظم العلماء الإسلاميين كانوا إيرانيين، متحدثاً عن نشاطاتهم في الرياضيات
والمعارف الدينية. ثم يتناول دور المسلمين الفرس في الإسلام وعلاقاتهم الوطيدة مع رسول
الله صلّي الله عليه وآله وسلّم.
ثم، أكد سجادي: أن صفي زاده يشير في كتابه إلي جهود العالم الإيراني
سيد رضي في تأليف كتاب نهج البلاغة القيّم للإمام علي عليه السلام، وتنظيم فقه أهل
السنة من قبل الإيرانيين، ومنوّها إلي أن كتّاب الصحاح الستة في الحديث لدي أهل السنة
هم إيرانيون، ثم يستذكر إجتهادات الإيرانيين لتكوين علم الكلام وإشاعته، ويذكر في كتابه
أن الإيرانيين هم مؤسسو الثقافة الإسلامية.
مع ذلك، يقول إن الإيرانيين إعتنقوا الإسلام بسبب التعليمات
الربانية التي جاءت في القرآن الكريم وضمّه لأفكار نورانية، فوجدوا هذا الدين مطلوباً
لطبعهم، لذلك إندمجوا في الإسلام، ثم يستدل ببعض الآيات القرآنية لإبراز تعلق الإيرانيين
بهذا الكتاب السماوي. ويذكر الكتاب فضائل ومناقب الإيرانيين كما جاءت في الحديث الشريف
والقرآن الكريم.
وأوضح سجادي: أن صفي زاده من إخواننا السنة أنهي دراسته بالحوزة
في الفقه الحنفي حتي نال درجة الإجتهاد، وهو يكنّ حبّاً جمّاً للإمام علي عليه السلام
وأولاده، حيث يصف أمير المؤمنين علي عليه السلام بأنه كان ملاذاً ومرشداً للموالي،
مشيداً بدوره الريادي في قيادة المجتمع الإسلامي، ثم يؤكد علي حبه للإيرانيين، ومعاملته
الأسري الإيرانيين معاملة حسنة، لذلك إعتنق الإيرانيون الإسلام بطيب خاطرهم، وكانوا
من أوائل الشيعة للإمام علي عليه السلام.
وقال سجادي في ختام كلمته: إن المؤلف يعتبر إيران من مؤسسي العلوم
والثقافة الإسلامية وعلم الصرف والنحو والأدب العربي إستناداً إلي وثائق لا يمكن المساس
بها، ويثبت أن علماء معروفين ومخضرمين إيرانيين قدّموا خدمات كبيرة في سبيل إنشاء ونشر
الثقافة الإسلامية العظيمة من الصرف والنحو والقراءة والمعاني، والبيان، واللغة، والمنطق،
والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والفلسفة، وعلم الكلام، وعلم الرجال، والرياضيات،
والطب و.....، ومن هنا أي من إيران سطعت أنوار العلم علي بغداد.
المصدر: ايبنا