ولد الباحث والاستاذ والرياضي والمنجم الايراني، محمد ابو جعفر
المشهور بالخواجه نصير الدين الطوسي في عام 597 هجرية في مدينة طوس في خراسان وتلقي
علومه الشرعية والادبية علي يد أبيه الذي كان من فقهاء الامامية والمحدثين حيث تعلم
الحكمة والرياضيات والطبيعيات كما أتم تعليمه في مدينة نيشابور علي يد كبار الاساتذة
هناك وأصبح من كبار علماء النجوم في عصره.
وعند هجوم المغول علي خراسان اشتغل نصير الدين الطوسي عند بعض
أمراء الاسماعيلية وعندما احتل هولاكو ايران أصبح من عداد العاملين في امرته.
وبعد فتح بغداد وبأمر من هولاكو تم تكليف الطوسي بتأسيس مرصد
فلكي في مدينة مراغه حيث قام بجمع عدد من الرياضيين في ذلك العصر في عام 657 للعمل في هذا المهم حيث أصبح هذا المركز العلمي
يضم مكتبة ضخمة تضم 400 ألف كتاب ويملك خريطة للابراج معروفة ب "زيج ايلخاني".
وكان الطوسي ملماً بكافة علوم عصره وقد لقب بهذا الشأن باستاذ
البشر وقد استفاد من سطوة النظام الايلخاني في ترويج العلوم وإعداد الطلاب وتأليف الكتب
القيمة وقد توفي عام 672 في بغداد ودفن في الكاظمية.
ويذكر جورج سارتن مؤلف كتاب "تاريخ العلم" بأن الخواجه
نصير الدين الطوسي ألف 64 كتاباً في الحساب والجبر والهندسة والمثلثات والنجوم والتقويم
والمعادن والجغرافيا والطب والمنطق والعلوم والفلسفه والمعارف والاخلاق والشعر حيث
كانت معظمها قد كتبت بالعربية وقليل منها بالفارسية.
وعمل الطوسي علي دراسة العديد من كتب الرياضيات والنجوم والتي
ترجمت الي العربية في القرنين الثاني والثالث الهجري واعدادها من جديد بعد التدقيق
والتمحيص والتصحيح. وعلي سبيل المثال يعتبر كتاب "اخلاق ناصري" وهو في الحكمة
العملية والاخلاق وكتاب "شرح اشارات بوعلي" في المنطق والحكمة وكتاب
"تجريد العقائد" في فن الكلام وكتاب "اوصاف الاشراف" في العرفان
وباللغة الفارسية وكتاب "رسالة البداية" في المعاد بالفارسية وكتاب
"آداب المتعلمين" في موضوع التعليم وكتاب "رسالة الجبر والاختيار"
بالفارسية وكتاب "معيار الاشعار" في العروض والقوافي من أشهر كتبه ومؤلفاته.
ويؤكد الخواجه نصير الدين الطوسي في كتابه "اخلاق ناصري"
علي ضرورة التخصص في علم المنطق حيث يورد مثالاً عن عمل النجار الذي يقوم بإعداد سرير
بشكل حرفي حيث يعمل علي اعداد الخشب الملائم لذلك مع اعداد القطع اللازمة بكل اتقان
ليصنع بعد ذلك سريرا كاملا. وهذا الامر ليس من شأن كل من هب ودب لأن من يقوم بهذا العمل
ومن دون خبره ودراية فإنه سوف يفسد عمله.
ويذكر المرحوم ملك الشعراء بشأن كتاب "اخلاق ناصري"
بأن الطوسي ألف كتابه هذا في وقت كان العلم فيه لازال قديماً وبسيطاً وموجزاً حيث ظهر
ملك العلماء وملك الحكماء الا وهو الخواجه الكبير والعالم الفاضل والفيلسوف نصير الدين
الطوسي.
هذا واستفاد الكثير من الكتاب والمفكرين من كتاب "اخلاق
ناصري" وقد ذكر الطوسي بأنه اقتبس في تأليفه لهذا الكتاب من كتاب الاخلاق لإبن
مسكويه وعنوانه "الطهاره" وكتاب "تدابير المنازل" لإبن سينا وكتاب
"المدينة الفاضلة" للفارابي.
ويشير الخواجه الطوسي في مؤلفاته بأن لكل فعل غاية وسبب وهو
سعادة الانسان التي تقوده نحو الكمال وعند بلوغ هذه المرحلة يحصل الفرح والسعادة. ويضيف
بأن النجار عند بداية عمله يفكر اولاً بشأن فائدة صنع السرير وكيفية صنعه ليتم بذلك
هذا العمل علي أحسن وهو ما يجتهده الانسان لبلوغ الهدف والمقصود.
المصدر: ايبنا